24 أبريل 2025 05:31 ص

مشكلة الألغام فى مصر

الأربعاء، 13 أبريل 2022 - 02:09 م

تعاني مصر من مشكلة الألغام الأرضية المضادة للأفراد والدبابات والمنتشرة على مساحات كبيرة في منطقة الساحل الشمالي وسيناء، فقد خلّفت الحرب العالمية الثانية في منطقة العلمين جنوب الساحل الشمالي وحتى حدود مصر الغربية ما يقرب من 17.5 مليون لغم، تحتل مساحة تزيد على ربع مليون فدان صالحة للزراعة، كما خلّفت الحروب المصرية - الإسرائيلية ما يقرب من 5.5 مليون لغم، في سيناء و الصحراء الشرقية - وحسب الإحصاءات الرسمية - يوجد في مصر حاليًا حوالي 21.800 مليون لغم بعدما كان 23 مليون لغم، وذلك بعد نجاح القوات المسلحة المصرية منذ عام 1995 في إزالة ما يقرب من 1.200 مليون لغم .

 الأثار السلبية للألغام في مصر

مما لا شك فيه أن وجود هذا العدد الهائل من الألغام يعوق التنمية على النحو التالي :

الصحراء الشرقية :

إعاقة العديد من مشروعات التنمية السياحية بشواطئ البحر الأحمر وسيناء وارتفاع تكلفة المشاريع التي تقام بهذه المناطق لارتفاع تكاليف تطهيرها من الألغام .

إعاقة عمليات التنمية الصناعية وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة بجانب التكلفة الباهظة لتطهير المناطق المخطط لتنميتها .

إعاقة عمليات التنمية الزراعية في بعض مناطق سهل الطينة و بالوظة وشمال سيناء .

تعطيل عمليات التنقيب عن البترول .

الصحراء الغربية :

تعطيل زراعة مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة على توافر المياه اللازمة لها في مناطق مثل الحمام والعلمين .

تعطيل إقامة مشروعات التنمية في الساحل الشمالي وبعض مناطق مرسى مطروح

تعطيل مشروعات منخفض القطارة كأحد المشروعات العملاقة لتوليد الطاقة بسبب اعتراض الألغام لطريق القناة .

تعطيل مشروعات التنقيب عن البترول .

 مشكلات وعوائق إزالة الألغام في مصر

تعدد أنواع الألغام المضادة للأفراد والدبابات التي زرعتها قوات الحلفاء والمحور في صحراء مصر الغربية خلال الحرب العالمية الثانية .

مشكلات تحرك الألغام من اماكنها بسبب الكثبان الرملية، والتغيرات المناخية على مدى نصف قرن .

مشكلات حساسية الألغام للانفجار بسبب تقادمها أو بسبب العوامل الجوية .

اختفاء أو عدم وجود خرائط لهذه الألغام .

عدم وجود طرق ممهدة للمناطق الملغومة .

عدم توافر معدات حديثة متقدمة تكنولوجيًا لاستخدامها في عملية إزالة الألغام .

التكلفة المالية التي تحتاجها عملية إزالة حوالى 23 مليون لغم .

ضخامة الأعباء البشرية المرتبطة بعملية إزالة الألغام، وعدم وجود العدد الكافي من الخبراء .

عدم إدراج مصر على خريطة العمل الدولية لمكافحة الألغام .

 الجهود المبذولة لإزالة الألغام في مصر

مطالبة مصر الدول التي زرعت الألغام في أراضيها بتحمل مسئولية إزالتها، وذلك خلال مؤتمر نزع السلاح بجينيف 1996 .

اللقاء الذي تم بين وزير الدفاع المصري ونظيره الألماني في مارس 1998، والذي أبدت فيه ألمانيا استعدادها لتقديم المساعدة التكنولوجية والمالية لإزالة الألغام، وقدّمت ألمانيا لمصر 110 جهازا للكشف عن الألغام في أكتوبر 1998 .

مطالبة مصر من خلال مندوبها في الأمم المتحدة الدول التي زرعت الألغام في مصر بتحمل مسئوليتها وتقديم الخرائط وسجلات حقول الألغام ومواقعها، وذلك خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993 .

الكتاب الذي أصدرته وزارة الدفاع بعنوان: "القتلة الحديديون Iron Killers " ، والذى كان بمثابة توعية عالمية بمشكلة الألغام في مصر .

طرح موضوع الألغام في مصر من خلال مناقشات لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشعب .

الجهد الذي قامت به وزارة الخارجية المصرية في الاتصال بالدول المعنية، وعلى رأسها بريطانيا وألمانيا، ومطالبتها بتقديم مساعدات وأجهزة ومنح تدريبية لإزالة الألغام .

مركز مكافحة الألغام بمصر

تأسس كأول مركز في مصر ومنطقة الشرق الأوسط لمكافحة الألغام وهو منظمة غير حكومية تم تأسيسها في الثالث من ديسمبر عام 1997، بهدف التعاون مع العديد من المنظمات الدولية والإقليمية والجهات الرسمية التي تعمل في مجال مكافحة الألغام في العالم، وهو يضم نخبة من أساتذة الجامعات ،الصحفيين ،المحامين ،الأطباء ،المهندسين والكيميائيين، وتقوم مرجعية المركز على قواعد القانون الدولي الإنساني، والاتفاقيات الدولية التي تكافح الألغام .

ويمكن رصد أهم الأهداف المنوط بالمركز القيام بها على النحو التالي :

الرصد الجغرافي الدقيق لمواقع الألغام، وتحديدها بحواجز وإشارات تحذيرية .

رصد الأعداد الحقيقية لضحايا الألغام من قتلى أو مصابين، وتصنيفهم .

تقديم الخدمات القانونية والصحية لضحايا الألغام، وتأهيل المعاقين للاندماج مع باقي أفراد المجتمع .

التوعية بخطر الألغام .

تطهير المناطق المصابة بالألغام عبر الاستفادة من الجهود الدولية والرسمية والشعبية المحلية .

حرص المركز في سبيل تدعيم عمله على تبادل البيانات والمعلومات والخبرات في مجال مكافحة الألغام مع الدول والمنظمات المعنية .

وقد أسفر جهد المركز عن حصوله على عضوية الحملة الدولية لحظر الألغام.. وعضوية ائتلاف المنظمات غير الحكومية من أجل إنشاء محكمة جنائية دولية، كذلك استطاع المركز إعلان تأسيس الحملة العربية لمكافحة الألغام والمكونة من 13 منظمة غير حكومية .

موقف مصر من اتفاقية أوتاوا لحظر الألغام :

على الرغم من أن مصر لم توقع على اتفاقية أوتاوا لحظر استخدام ونقل وتخزين وإنتاج الألغام المضادة للأفراد في ديسمبر 1997.. إلا أنها ساندت من حيث المبدأ الهدف من هذه الاتفاقية.. وقد سبق وشاركت مصر في كل المراحل التمهيدية السابقة على توقيع الاتفاقية .

وقد طالبت مصر في اجتماعات الخبراء لمناقشة مشروع الاتفاقية في أوسلو في سبتمبر 1997.. بمزيد من الضغط الدولي لدفع الدول التي شاركت في معارك الحرب العالمية الثانية على أرض مصر، إلى تقديم خرائط الألغام، وتقديم الدعم الأكبر لإزالتها .

ويمكن عرض موقف مصر من عدم التوقيع على اتفاقية أوتاوا كالآتي :

- مصر تتفق تمامًا مع الهدف الإنساني للاتفاقية.. إلا أن صعوبة موافقاتها على الانضمام، يرجع إلى أنها تعيق مصر عن ممارسة حقها المشروع في الدفاع عن النفس والحفاظ على أمنها القومي، وكذلك حقها في الحصول على المساعدات اللازمة لتطهير ألغام زرعت في أراضيها .

- مطالبة مصر النظر بعين الاعتبار للطبيعة الجغرافية لها.. حيث الحدود الشاسعة والتي ليس فيها أي موانع تحول دون عمليات التسلل، وقد تلخص مطلب مصر الأمني في الحصول على بديل اقتصادي مناسب للألغام.. وقد تم شرح هذا الموقف خلال المراحل التمهيدية لإعداد مشروع الاتفاقية .

- استفادة مصر من المساحات الملغومة، والتي توجد بها ثروات كثيرة مختلفة، لن تتحقق إلا بتوافر المسئولية الدولية للمساعدة في تطهير الألغام، والمسئولية الانسانية التي تحتم احترام الحقوق الشرعية للإنسان .

- لقد أضحت الصورة أكثر إيضاحًا للمأساة التي تُخلّفها الألغام على البشرية، ومع تدفق المعلومات التي أصبحت الآن متاحة للجميع وتبين مدى حجم الخسائر البشرية من استخدام هذه الألغام، أصبح التحرك الدولي حاسمًا ونشطًا في مواجهة هذه القضية، فقد ولّدت هذه المعلومات اهتمامًا دوليًا واسع النطاق بمشكلة الألغام في العالم وسبل مواجهتها، بعد أن كان العالم إلى وقت قريب يجهل هذه القضية تمامًا، أو لا يضعها في دائرة اهتمامه، ولعل الحملة الدولية لحظر الألغام التي بدأت نشاطها منذ عام 1991، وتدخُل الأمم المتحدة بثقلها وامكانياتها من عام 1994 للبحث عن حلول جذرية لهذه المشكلة. وما تمخض عن الاهتمام الدولي بها في توقيع 135 دولة على اتفاقية دولية تحظر وتحرم استخدام الألغام الأرضية، كل ذلك أصبح مدعاة لتحقيق حاجة المجتمع الدولي الملحة لتضافر الجهود الدولية والإقليمية والمحلية لمواجهة هذا الحظر والقضاء عليه .

 

- يبقى السؤال المهم.. حول مدى التزام الدول التي زرعت ألغامًا في أراضي الغير، وتركتها رغم انتهاء العمليات الحربية، والأمثلة على ذلك كثيرة مثل الألغام المزروعة في مصر وأفغانستان؟.. وللإجابة على هذا التساؤل.. فإننا نعتقد بوجود التزام على عاتق هذه الدول بإزالة وتطهير هذه الألغام للأسباب الآتية :

- إن الجمعية العامة للأمم المتحدة أيّدت مطالبات الدول التي تصيبها أضرار نتيجة لتواجد مخلّفات الحروب ومنها الألغام على أراضيها، والتي تطالب بدفع تعويضات لها من الدول المسئولة عن ذلك (القرار 36 / 188 لسنة 1981) والقرار (39/139 لسنة 1984) والقرار (48 / 7 لسنة 1993) والقرار (49 / 215 لسنة 1994) .

- وجود قاعدة من قواعد القانون الدولي العام أو العرفي تقضى بإلزام من وضع الألغام بطريقة تؤثّر على حياة المدنيين أو سلامتهم الجسدية بأن يزيل تلك الألغام وأن يتحمل تكاليف إزالتها، وهو أيضًا ما يمكن الاستفادة به من اتفاقية أوتاوا لعام 1997، والتي اعترفت بوجود قواعد يقرها القانون الدولي بخصوص الألغام حيث نصت المادة 20/4 من الاتفاقية على أن انسحاب الدولة الطرف من الاتفاقية لا يؤثر بأية طريقة على واجب الدولة في الاستمرار بالوفاء بالالتزامات المقررة وفقًا لأى من قواعد القانون الدولي ذات الصلة .

وبالنظر إلى واقع مشكلة الألغام الأرضية في العالم، فإن إزالة الألغام أو تطهيرها يجب أن يتم عن طريق :

- التعاون بين كل طرف من الأطراف المتحاربة والمسئولة عن زراعة هذه الألغام بغض النظر عن ملكية الأرض المنزرعة فيها .

- تفعيل التعاون الدولي طبقًا لقواعد القانون الدولي وللاتفاقيات الدولية .

- إنشاء آلية فعالة تقوم بمهمة التنسيق والمتابعة لعمليات إزالة الألغام ومراقبة زرعها إبان النزاعات والحروب .

- تفعيل دور المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية وغير الحكومية المتخصصة ومدها بالدعم المناسب لممارسة دورها على أكمل وجه .

اخبار متعلقه

الأكثر مشاهدة

التحويل من التحويل إلى