19 أبريل 2025 09:21 ص

المؤتمر التاسع للأمانة العامة لدور هيئات الإفتاء في العالم

الأربعاء، 31 يوليو 2024 - 11:06 ص

شارك الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف نائبًا عن الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء في المؤتمر التاسع للأمانة العامة لدور هيئات الإفتاء في العالم، الذي تعقده دار الإفتاء المصرية بعنوان : "الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع “،خلال يومي 29 و 30 يوليو 2024 بحضور الدكتور شوقي إبراهيم علام مفتي الديار المصرية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وفضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف نائبا عن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر .

وبحضور الوزير المستشار عدنان فنجري وزير العدل، ومعالي الوزير المستشار محمود فوزي وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي

وبحضور الدكتور عبد الرحمن الزيد رئيس المجمع الفقهي ونائب الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي، و الشيخ محمد حسين مفتي القدس، و الدكتور قطب سانو الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي نائبًا عن الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، و الشيخ حسين كافازوفيتش مفتي البوسنة، والشيخ أرون بون شوم شيخ الإسلام في تايلاند، و الدكتور عمر الدرعي رئيس الهيئة العامة للشئون الإسلامية والأوقاف بدولة الإمارات العربية المتحدة، والأستاذة نهال سعد مدير منظمة الأمم المتحدة لتحالف الحضارات بنيويورك، والدكتور هشام عبد العزيز علي رئيس القطاع الديني، وجمع من السادة الوزراء والمفتين والعلماء من مختلف دول العالم الإسلامي .

 


وناقش المؤتمر أهمية الوعي الذي تعمل عليه المؤسسات الدينية في مصر، لمناقشة القضايا المعاصرة في إطار شرعي لا يخرج عن الثوابت، فضلاً عن الحياة المتسارعة، التي كان لها تأثير كبير على كافة المجالات، من شأنها تسعى لإصابة المجتمع في نواته الصلبة.

كما تناول المؤتمر الأزمات التي تعصف بمحيطنا الإقليمي والدولي، والمحاولات العديدة لتفكيك البناء الأخلاقي المستقرِّ الذي يستند إلى الأديان، مشيرًا إلى أن مكارم الأخلاق غاية دينية وفريضة حضارية وضرورة مجتمعية بها تصان الأوطان والمجتمعات من أى تشويه وأنه لابد من مجابهة ما تلقاه مجتمعاتنا من استهداف وعي الشباب بهوتيهم وتاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم.

وخلال المؤتمر تم التأكيد على ثوابت الدولة المصرية تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي في دفع الظلم والعدوان عن أشقائنا في فلسطين وبالأخص في غزة وفي حق أشقائنا الفلسطينيين في إقامة دولتهم الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، كما دعا الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، كافة القيادات الدينية في العالم إلى حملة توعية شاملة تتعامل مع الأزمات والتحديات المعاصرة بمنتهى الرقي اللائق بقيم وأخلاق الأنبياء الكرام.

 29-7-2024

الجلسة الافتتاحية


وفي كلمته رحب فضيلة الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف بالسادة الحضور وفي مقدمتهم فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم علام مفتي الديار المصرية ،
ومعالي المستشار عدنان فنجري وزير العدل، وفضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف وضيوف مصر الكرام، معربًا عن سعادته بنقله تحيات معالي الدكتور المهندس مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء الموقر وترحيبه الحار ودعمه وتمنياته لهذا المؤتمر بكل التوفيق .

وأكد وزير الأوقاف أن وزارة الأوقاف بكل قدراتها ومقدراتها وشيوخها وخطابها وأئمتها مجندة لدعم دار الإفتاء المصرية وفضيلة مفتي الديار المصرية؛ لتؤدي رسالتها السامية في خدمة الشعب المصري العظيم وخدمة المسلمين جميعًا والإنسانية جمعاء ولدعم هذا المؤتمر الكريم حتى ينجح نجاحًا مبهرًا ويحقق أقصى غاياته .

كما أكد وزير الأوقاف أن وزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية ونقابة السادة الأشراف ونقابة الطرق الصوفية تصطف جميعًا صفًا واحدًا وعلى قلب رجل واحد خلف البيت الكبير الجامع لنا جميعًا والذي هو الأزهر الشريف، وتحت رايته وخلف إمامنا الأكبر شيخ الأزهر الشريف الذي هو أستاذنا ورمزنا وإمامنا المعبر عنَّا جميعًا كمسلمين أمام العالم، والذي نكن له منتهى الوفاء والبر والعرفان والمحبة .

وأكد وزير الأوقاف أن المؤسسة الدينية في مصر على قلب رجل واحد تقف جبلًا شامخًا تحت راية الأزهر الشريف موجها رسالة للضيوف قائلا:" حتى نكون داعمين لحضراتكم في كل دولكم وشعوبكم نشد أزركم حتى تؤدوا رسالة الإسلام السمحة التي تملأ الدنيا علمًا وأمانًا ونورًا .

وأكد وزير الأوقاف أن دار الإفتاء قد وفقت في اختيار موضوع المؤتمر والذي جاء بعنوان: "الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع"، فهذه كلمات ثلاث تحدد إطار المؤتمر الفتوى والأخلاق والعالم، فالفتوى عبارة عن صنعة ومهارة وعلم وبصر بالأحكام الشرعية وكيفية تنزيلها على وقائع المكلفين، والأخلاق التي هي ميراث النبوة وهي نور وسمو ونبل وتزكية وأدب وسير إلى الله تعالى، والعالم الذي هو متسارع ومتغير ومتناقض ولاهث يطرح كل يوم تعقيدًا فلسفيًا وأسئلة حائرة وثمرات معرفية وتكنولوجية جامحة وتأثرًا وتأثيرًا بسياسات العالم المحكومة بتوازنات صعبة وأبعاد اقتصادية متشابكة ومتداخلة ومعقدة، إن هدف المؤتمر أن يغترف من الأخلاق قبسًا من النور والحكمة يسري إلى الفتوى وعلومها لتطفئ به نيران العالم المتسارع المتناقد اللاهث .

وأضاف وزير الأوقاف أنه لو نهض أئمة العلم وعكفوا على حصر كل الكلام النبوي الشريف وعده وحذف مكرره لما بلغت المتون النبوية 50 ألفًا من الأحاديث النبوية المشرفة وقد أشار إلى هذا الحافظ ابن حجر في ما نقله عنه البرهان البقاعي والإمام الجلال السيوطي إذ قال الحافظ ابن حجر إن الأحاديث الصحاح التي بين أظهرنا بل وغير الصحاح لو تم تتبعها من كافة الكتب لما بلغت مائة ألف بلا تكرار بل ولا خمسين ألفا .

وأضاف أن المتعلق من تلك الأحاديث بالفقه والأحكام الشرعية بالفتوى لا يزيد على خمسة آلاف متن وقد سُئل الإمام الشافعي رحمه الله كم أصول الأحكام؟ قال: خمسمائة حديث، قيل له فكم أصول السنن؟ قال: خمسمائة، فعدد الأحاديث الأحكام عنده وهو سيد المجتهدين وناصر السنة لا تزيد على ألف حديث، بل أقصى ما أحصاه العلماء من أحاديث الأحكام ما أفاده حجة الإسلام الغزالي في المستصفى من أن أحاديث الأحكام لا تزيد على ما في سنن أبي داوود وهي أربعة آلاف حديث وتزيد قليلا، فإذا أخذنا خمسة آلاف حديث تتعلق بالفقه والأحكام بقي لنا ما يزيد على أربعين ألفا من الأحاديث الشريفة تتعلق كلها بالأخلاق والآداب، فترك (صلى الله عليه وسلم) أمة الإسلام من بعده تسبح على بحر عظيم محيط من المكارم والأخلاق والشيم والشمائل التي تبني أرفع القيم الإنسانية الكاملة والتي تتعهد بالرفق والرحمة والإنصاف والإكرام كل إنسان على وجه الأرض .

حيث أرسل (صلى الله عليه وسلم) رحمة للعالمين، فكان من هديه الشريف عجائب الأخلاق الباهرة في معاملة الطفل وإكرام الطفولة وفي معاملة المرأة وفي معاملة المريض وفي الرفق بالمديون وإنظار المعسر وفي إكرام ذوي القدرات والحاجات الخاصة، وفي معاملة الغريب والوافد وابن السبيل وفي إكرام الضيف وفي الحض البليغ على إكرام اليتيم وفي حسن معاملة الجار وفي بر الوالدين، وفي تخصيص الأمومة بقدر زائد من الرعاية والتبجيل، وفي حسن جدل أهل الكتاب وعموم أهل الأديان وإنصافهم وعدم ظلمهم، مع التبسم في وجوه الناس جميعًا وأن نقول للناس حسنًا وأن نتسع للخلق جميعًا ونشملهم ببسط الوجه وحسن الخلق وفي الإنصاف من النفس وفي بذل السلام للعالم .

وأشار وزير الأوقاف إلى أننا نرى عجائب الأخلاق المحمدية على المستوى الأممي والقومي والإنساني في العدالة والإنصاف والإحسان والتنسيق والتعاون واحترام حقوق الإنسان بل حقوق الأكوان واحترام المواثيق والوفاء بالعهد ومحاربة الفقر والجوع وإطفاء نيران الحروب والفتن وإطفاء فلسفة الصراع والصدام بين الحضارات والانتقال منها إلى تعارف الحضارات (لتعارفوا) وفي إطعام الطعام حتى لا يبقى على وجه الأرض جائع وفي إفشاء السلام حتى لا نضع على الأرض حربًا مشتعلة وفي صلة الأرحام لأن الثمانية مليار إنسان على ظهر الأرض جميعًا هم أبناء آدم فبينهم رحم يجب أن توصل، مع عجائب الأخلاق المحمدية الدافعة إلى بناء الإنسان على الإبداع والهمة والاختراع والفكر المنير والتمدن وحفظ الأوطان وتعظيم قيمة الوطن وإجلاله ورفع شأنه وفي الاستدامة وفي حفظ حق الأجيال القادمة في الموارد وفي تعظيم العلم والتعليم لأن العلم هو الحل لكل أزمات البشر، هذه الأنوار والمواريث النبوية هي رسالتنا اليوم من هذا العالم المتسارع وهذه المواثيق الأخلاقية العليا التي تريد دار الإفتاء سريانها في الفتوى وعلومها ومهاراتها لإنزال السكينة والحكمة على هذا العالم المتسارع والمتصارع وهي بعينها القيم التي نريد في وزارة الأوقاف المصرية سريانها في خطاب الأئمة والدعاة على المنابر وهي بعينها القيم التي نريدها جميعًا كمسلمين أن تسري إلى شعوبنا وأوطاننا، ونريد لها أن تكون ميثاقا للمؤسسات الدولية وتسري إلى سائر الطفرات التكنلوجية وشعارنا في هذا كله قول الله (جل جلاله) في حق سيدنا ومولانا محمد (صلى الله عليه وسلم) : "وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ".

وأكد وزير الأوقاف أن القضية الفلسطينية ستظل قضيتنا الكبرى، وسنظل هنا في مصر داعمين لأشقائنا في فلسطين، وفي حقهم في الحياة، وفي رفض كل صور الظلم والقهر لهم ونؤكد على ثوابت الدولة المصرية تحت قيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في دفع الظلم والعدوان عن أشقائنا في فلسطين عمومًا وفي غزة خصوصًا وفي حق أشقائنا الفلسطينيين في إقامة دولتهم الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وكما ننادي بالبناء الأخلاقي في الفتوى فإننا ننادي بالبناء الأخلاقي في السياسة الدولية وننادي باحترام كافة المواثيق الدولية القاضية باحترام حق الشعوب في تقرير مصيرهم وفي حق شعبنا الفلسطيني في بناء دولته .

وأشار وزير الأوقاف إلى ما وقع بالأمس في حفل افتتاح أولومبياد باريس 2024م من حدث جلل مفتقد تمامًا للبناء الأخلاقي، مما أصابنا جميعًا ببالغ الأسى والاستنكار، من تعرض غير لائق لمقام سيدنا المسيح عيسى ابن مريم (عليه السلام)، وقد أدانه الأزهر الشريف وإمامنا الأكبر، وأدانته دار الإفتاء المصرية، وأعلنا نحن في وزارة الأوقاف الإدانة البالغة لهذه الإهانة، وأدانه الحبر الأكبر البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وأدان هذا الحدث مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك، ورعاة الكنيسة المعمدانية الإنجيلية والأساقفة والمطارنة المصريون في أمريكا وكندا والكنيسة الكاثوليكية في فرنسا وتوالت ردود الفعل المنكرة في الرأي العام الدولي مما دفع منظمي الأولمبياد إلى حذف الفيديو ودفع المتحدثة باسم الأولمبياد في مؤتمر صحفي بالأمس الأحد إلى أن تعتذر قائلة : وإذا شعر الناس بأي إساءة فإننا متأسفون حقا، نعم نشعر بالإساءة فإن الإساءة لنبي واحد من أنبياء الله (عز وجل) ورسله كالإساءة لهم جميعًا، فقد قال نبينا ومولانا محمد (صلى الله عليه وسلم ) : (الأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد وإني أولى الناس بعيسى ابن مريم) .

وأكد وزير الأوقاف أن الإساءة والإهانة لرموز المسلمين والمسيحيين ولمقدساتهم، بل والإساءة إلى سائر الأديان عواقبه وخيمة وينسف كل جهود الاستقرار والتعايش التي نسعى إليها وتغذي التطرف والتطرف المضاد، ولا يمكننا التقدم إلى تعارف جاد بين الحضارات في ظل الاستهانة أو الإهانة للرموز والمقدسات الدينية وأدعو كافة القيادات الدينية في العالم انطلاقًا من هذا المؤتمر الموقر إلى حملة توعية شاملة تتعامل مع هذه الأزمات بمنتهى الرقي اللائق بقيم الأنبياء الكرام، القيم التي تطفئ نيران الفتن وتنشر في مختلف المنابر الفكرية والثقافية ووسائل التواصل والسوشيال ميديا تعريفًا صحيحًا بسيدنا محمد وبسيدنا عيسى عليهما صلوات الله وتسليماته وبما جاءا به من الهدى والنور والإكرام للإنسان والتجمل بالأخلاق مع المعتدي والمسيء .

وكرر وزير الأوقاف في نهاية كلمته الترحيب الحار بضيوف مصر الكرام نيابة عن دولة رئيس الوزراء الموقر معالي الدكتور المهندس مصطفى مدبولي والترحيب الحار بهم جميعًا على أرض الكنانة مصر ضيوفًا عليها وعلى رئيسها وزعيمها وقائدها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي .

30-7-2024


قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: نحمد الله -سبحانه وتعالى- أن وفَّقنا إلى اختتام فعاليات مؤتمر «الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع»
الذي نظمته الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم إيمانًا منها بحاجة العالم الماسة إلى منظومة مبادئ حاكمة قائمة على الأخلاق والقيم الإنسانية المشتركة، لا سيما والعالم اليوم يشهد تحديات كبيرة تهدد السلم والاستقرار العالميين، وإدراكًا منا جميعًا بأن المزيد من التعاون والتفاهم العابر للحدود هو السبيل للتصدي لهذه التحديات.

البيان الختامي،

وأضاف خلال إلقاء فضيلته البيان الختامي، إن فعاليات المؤتمر شهدت حضورًا مميزًا من كبار المفتين والوزراء، ومن علماء الشريعة ورجال الفكر والإعلام، والباحثين وعلماء الفلسفة والأخلاق والاجتماع والسياسة، والمتخصصين في حقوق الإنسان والقانون، حيث ناقش المؤتمرُ في فعالياته المتنوعةِ بين جلساته العلمية وورش عمله وأبحاثه المقدمة ونقاشاته قضايا الفتوى والبناء الأخلاقي، مبينًا دور الفتوى في إرساء بناءٍ أخلاقي يراعي القيم الدينية والمشتركات الإنسانية.

كما أوضح فضيلة المفتي أن المؤتمر حرص خلال أعماله، وانطلاقًا من رسالته على تحقيق مجموعة من الأهداف، من أهمها: تعزيز الوعي والتفاهم العالمي بأهمية الفتوى الرشيدة في إرساء منظومة المبادئ والأفكار العالمية لتكون قائمةً على الأخلاق والقيم الإنسانية المشتركة، ومعليةً قيمَ السلام والعدل والمساواة، تحديد القيم الأخلاقية التي يجب أن تكون أساسًا للواقع العالمي ودور الفتوى في ذلك، تحديد الأُطر والمبادئ التي ينبغي أن تحكم النُّظُم السياسية والاقتصادية في الواقع العالمي وبيان دور الفتوى في تعزيز هذه المبادئ، وكذلك تعزيز التعاون والتضامن العالمي لتحقيق السلام والعدل والمساواة بين الدول والشعوب وأهمية دور الفتوى والإفتاء في هذا التعاون، وبيان دور هيئات ومؤسسات الإفتاء دوليًّا وإقليميًّا في تعزيز الأخلاق والقيم الإنسانية، إبراز الأرضية الأخلاقية المشتركة للتعاون بين مؤسسات الفتوى والمنظمات الدولية، وتقديم الحلول الإفتائية لمواجهة تحديات البناء القائم على الأخلاق الإنسانية.

ولفت فضيلة المفتي النظر إلى أن المؤتمر أطر نقاشاته وفق ثلاثة محاور، حيث ناقش المحور الأول “البناء الأخلاقي في الإسلام ودور الفتوى في تعزيزه”، وتناول المحور الثاني “الفتوى والواقع العالمي.. الأفكار والمبادئ”، ثم ختم المحور الثالث بمناقشة “دور الفتوى في مواجهة عقبات وتحديات البناء الأخلاقي لعالم متسارع”.

وعلى هامش هذه الجلسات عُقدت مجموعة من ورش العمل، تناولت الورشة الأولى منها صناعة ميثاق أخلاقي إفتائي للتطورات في مجالات العلوم التجريبية والطبيعية والاجتماعية والذكاء الاصطناعي؛ حيث استهدفت بيان التعريفات الأساسية المتعلقة بالعلم والأخلاق والدين والعلاقة بينها، وعرض تحليل إحصائي وشرعي لعينة متنوعة من الفتاوى المتعلقة بأخلاقيات العلم الشرعي، وعينة أخرى من الفتاوى المتعلقة بتطبيق الأخلاق على العلوم التجريبية.

كما أوضح أن الورشة الثانية خُصِّصت لمناقشة موضوع الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في العلوم الشرعية عامة وعلوم الفتوى على وجه الخصوص؛ حيث ركزت على طرح مفاهيم الذكاء الاصطناعي الأساسية، وعرضت لتطبيقاته في هذا المجال، والتحديات التي تواجهه، وأكدت على أهمية تعزيز ثقافة استخدام الذكاء الاصطناعي في البحوث الشرعية، وضرورة التعاون بين العلماء الشرعيين والمتخصصين في التكنولوجيا، وموضحة المبادئ الأخلاقية لاستخدامه، وضرورة تصميم برامج تعليمية تدمج الذكاء الاصطناعي في التعليم الشرعي، واستشراف المستقبل الواعد بهذا المجال.

وتابع: لما كان من المهام التي تضطلع بها الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم مواجهة الأفكار المتطرفة؛ فقد خصصت الورشة الثالثة لرصد وتحليل إشكاليات المحتوى الديني المتطرف في المنصات الرقمية وسبل معالجته، حيث تناولت تطور المحتوى المتطرف عبر منصات التواصل الاجتماعي والوسائل الرقمية، محللة أسباب رواجه وانتشاره على تلك المنصات، ومؤكدة على أهمية محاربته عبر قنواته نفسها، وضرورة بناء وتعزيز الشراكات بين مراكز البحوث لرصده وتتبعه عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وضرورة التعاون مع المجتمع المدني لمحاربته، واستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في ذلك، مع التأكيد على أهمية بناء القدرات الرقمية للمفتين والمؤثرين في مواجهة هذا الفكر، ومنوهة بأهمية التعاون مع شبكات التواصل الاجتماعي في تتبع وإزالة هذا المحتوى المتطرف، مع عرض التجارب السابقة في هذا المجال للوقوف على النجاحات وأوجه القصور، واقتراح التوصيات الملائمة لتفعيل برامج محاربته.

التوصياتِ والقراراتِ المهمَّةِ

وفي ختام كلمته أعلن فضيلة المفتي عن خروج المؤتمر بمجموعةٍ من التوصياتِ والقراراتِ المهمَّةِ التي خَلَصَ إليها من خلال اقتراحاتِ السادةِ المشاركينَ مِنَ العلماءِ والباحثينَ، وجاءت التَّوصياتُ بما يلي:

أولًا: يدعو المؤتمرُ جميعَ الدولِ العربيةِ والإسلاميةِ إلى تعزيزِ التعاونِ والتنسيقِ فيما بينها لدعمِ القضيةِ الفلسطينيةِ عبرَ الجهودِ الدبلوماسيةِ في المحافلِ الدوليةِ أو من خلالِ المساعداتِ الإنسانيةِ والتنمويةِ للشعبِ الفلسطينيِّ، تأكيدًا على وحدةِ الصفِّ والتضامنِ الإسلاميِّ.

ثانيًا: يُثَمِّنُ المؤتمرُ جهودَ القيادة المصرية في تعزيز الخطاب الديني الوسطي المعتدل، وتقديم خطاب ديني مستنيرٍ يواكب العصر، ويحافظُ على القيم الإسلامية السمحة ودورها كذلك في مواجهة الفكر المتطرف والإرهاب، مما يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.

ثالثًا: يُشيد المؤتمرُ بالسياسات المصرية التي تدعمُ الحوارَ والانفتاح على العالم مع احترام الخصوصيات الدينية، مما يعزز التعاون الإنساني المشترك.

رابعًا: يُثمن المؤتمرُ دور مصر في تعزيز الإعلام المستنير، ودعوتها إلى استخدام وسائل الإعلام لنشر القيم الأخلاقية والتوعية بمخاطر الفكر المتطرف.

خامسًا: يؤكد المؤتمر أهمية الدور الذي تلعبه التعاليم الإسلامية السمحة في الارتقاء بالأفراد والمجتمعات البشرية، وهي التي نجدها منصوصًا عليها في كافة الشرائع السماوية، ومن ثم فإن المؤتمر يهيب بالمجتمع الدولي بضرورة احترام هذه التعاليم والعمل من خلالها على ضبط التسارع في الحركة العالمية، وتنامي النزعة الفردية على كافة المستويات؛ من أجل الحفاظ على القيم الإنسانية الرئيسية.

سادسًا: يثمِّن المؤتمر كافة المخرجات التي صَدَرت وعُرِضَت في فعالياته، ويدعو الباحثين والمختصين للإفادة منها.

سابعًا: يدعو المؤتمر جميع المؤسسات الإفتائية الوطنية إلى التعاون والتكاتف لمواصلة التجديد الفقهي والإفتائي، وتقديم خطاب فقهي وإفتائي يناسب العصر انطلاقًا من مقاصد الشريعة وغاياتها العليا.

ثامنًا: يؤكد المؤتمر على أن ما نملكه من ثروة فقهية وتشريعية غزيرة قادرة على صناعة فتوى تتناسب وحجم التسارع والمتغيرات العالمية في كافة المجالات.

تاسعًا: يدعو المؤتمر المجتمع الدولي للبعد عن توظيف التفسيرات والتأويلات المتطرفة للتعاليم الدينية السماوية السمحة في شن الحروب وإذكاء الفتن والنزاعات العِرقية والطائفية، بما يهدد أمن وسلامة المجتمعات البشرية لا سيما الإسلامية، ويحذر المؤتمر من أن هذه التوجهات تمثل وقودًا لتغذية تطرف مقابل لها قد لا يقل خطورةً عنها، وبما قد يدخل منطقتنا والعالم أجمع في أتون صراعات لا تنتهي.

عاشرًا: يؤكد المؤتمر على أهمية مواصلة العمل في مجال التأهيل الإفتائي، وبناء المزيد من جسور التفاهم والتعاون بين القائمين على صناعة الفتوى في العالم من مؤسسات وهيئات وطنية؛ لمواجهة التحديات الكبرى التي يفرضها علينا العالم المعاصر بتغيراته وأحداثه المتسارعة.

حادي عشر: يدعو المؤتمر المؤسسات التعليمية والدينية والثقافية في العالم كله إلى تكثيف جهودها في نشر ثقافة الحوار والتفاهم بين الأديان، وتعزيز التعايش السلمي، وتضمين مناهجها الدراسية مواد تعليمية تنشر ثقافة الحوار والتعايش السلمي.

ثاني عشر: يؤكد المؤتمر أهمية تعاون المتخصصين في مجالات التقنية ووسائل التواصل الرقمية مع مؤسسات الإفتاء لمساعدتها على تدشين بيئة آمنة عبر وسائل الاتصال لأتباع الدين الإسلامي يتم خلالها احترام خصوصياتهم، ومساعدتها في الترويج عالميًا لرقي وسماحة الدين الإسلامي لباقي الشعوب.

ثالث عشر: يؤكد المؤتمر على أهمية تحليل وتفكيك خطاب الجماعات المتطرفة، ومواصلة الجهود للتحذير منه، وبيان خطورته على أمن المواطنين واستقرار الأوطان.

رابع عشر: يَتوجَّهُ المجتَمِعونَ بالشكر لفخامة السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي؛ لرعايته الكريمة للمؤتمر، ولكل من أسهم في نجاح المؤتمر، مُتمَنِّينَ لمصر وكافة بلاد الأمة الإسلامية والعالمية التوفيق والنجاح والاستقرار الدائم.

الصفحة الرسمية لوزارة الأوقاف

اخبار متعلقه

الأكثر مشاهدة

التحويل من التحويل إلى